الخميس, 14 مارس 2024 16:44 |
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، إن المجتمعات لا تقوم إلا على العدل والإنصاف وكريم الخصال وعالي الفضائل ، ولقد عرف العرب منذ القدم وقبل ظهور الإسلام بقيم وأخلاق رفيعة وشمائل حسنة منها العدل والكرم والشجاعة والإقدام والنخوة والصدق وإكرام الضيف ونصرة المظلوم والإحسان إلى الجار والرحمة بالضعفاء ، ولقد جاء الإسلام ليكمل ما نقص ويعرف ما جهل ويحيي ما مات من تلك الفضائل ، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ولقد أقر الإسلام العرب على ما حسن وصلح من تلك القيم لأنها داخلة في مبادئه السمحة ومن صميم رسالته، وكان المجتمع الموريتاني يتمثل هذه القيم صافية في حياته وفي تعاملاته المتعددة فيما بينه وبينه والآخرين فكانت معاملاتهم إسلامية محضة لا غش ولا تدليس ولا خيانة ولا سرقة ، لكن المتتبع للشأن الموريتاني في هذا الظرف اجتماعيا يتبين له البون الشاسع بين ساكن الخيام ورائد البادية ، وبين مواطن القرية والمتقري في الظل والخالد للدعة والراحة ، فالأول يسبح في فضاء رحب نقي الهواء والشعور مرهف الحس سليم الفطرة والأحاسيس يطرب من صوت الرياح وأصوات الحيوانات ، لا يمتلك إلا قدر رؤوس الأصابع إبلا أو بقرا أو شاء ، فيعدل بينها في المأكل والمشرب وحمل الأثقال ، يعين منها الضعيف ويقري منها الضيف ويصل منها الرحم يدفع عن عرضه منها يأكل ويتصدق ، خف متاعه كخفة الحياة خيم وأعواد وحصائر تقام عليها ، لحاف من جلد ووسائد أدم حشوها ليف ، ثوب واحد للكبير وبدونه الصغير ، وجبة واحدة بين الظهرين وعشاء بالحليب أو بدونه ، اشتراكية زائدة نوم جماعي في المسكن المفتوح وأكل في إناء واحد تعاملاته كلها من قطيعه ،
|
التفاصيل
|